عُرضت على الفنانة فايزة كمال العديد من الإغراءات المادية، ملايين الملايين وشقة فاخرة على نهر النيل تتكتب باسمها، مقابل أن تفرط في شرفها وتخون زوجها مع منتج مشهور. لكن فايزة كمال، التي تتمتع بجمال لافت، رفضت كل هذه العروض المغرية بكل حزم. قالت بصراحة: "ولا دهب الدنيا كله يخليني أبيع شرفي". فضلت أن تبقى في البيت سنوات طويلة، بعيدة عن الأضواء، رغم ملامحها الجميلة وشخصيتها الجذابة. هي رفضت أن تتنازل عن قيمها وشرفها، وأصبحت قصة مثالاً للثبات والمبادئ في عالم الفن. دعونا نتعرف على قصة فايزة كمال، تلك الجميلة التي جعلت الشرف أغلى من المال والشهرة.
وُلدت فايزة كمال في 3 سبتمبر 1962 في أسرة محافظة، حيث كان والدها ووالدتها من الأشخاص الملتزمين الذين تربت فايزة على يدهم على الأخلاق الحميدة، وكانت والدتها دائماً تحثها على مراقبة الله في تصرفاتها وعدم السير في طريق غير مشروع.
منذ دخولها إلى معهد الفنون المسرحية، كانت فايزة كمال من الأوائل، ولفتت الأنظار بجمالها وأدائها المميز. وسرعان ما حصلت على أدوار صغيرة في العديد من الأعمال، وجذب جمال عيونها الملونة وشعرها الأصفر انتباه المخرجين. وكان من بين أولئك المخرجين المبدعين، المخرج سعد أردش الذي قرر أن يضمها إلى مسلسل "العدل والتفاح"، لتبدأ بذلك رحلة التميز في عالم الفن.
لكن القصة لم تتوقف هنا. ففي يوم من الأيام، كان المخرج مراد منير في مسرحية "الملك هو الملك"، حيث كان يشاهد أداء فايزة كمال، ليقع في حبها من النظرة الأولى. لم يكن حباً عابراً، بل أصبح يتبعها بشغف، حتى أنه قرر أن يغير ديانته من المسيحية إلى الإسلام، ليحظى بحبها ويكمل حياته معها.
لكن فايزة كمال كانت قد وضعت نصب عينيها الحفاظ على شرفها، ولم تدع الإغراءات المادية تغريها. فقد تعرضت لعرض من منتج ضخم، الذي عرض عليها شقة فاخرة على نهر النيل، بالإضافة إلى ملايين الجنيهات، على أن توافق على إقامة علاقة غير مشروعة معه. لكن فايزة، التي كانت تعرف تماماً قيمة شرفها، رفضت هذا العرض بشدة. لم تتردد في رمي مفتاح الشقة في وجه المنتج، معلنة تمسكها بقيمها ورفضها التام لإغراءات المال والشهرة على حساب شرفها.
هذا الرفض دفع المنتج إلى اتخاذ قرار انتقامي، فبدأ في محاولة تهميشها، حيث ضغط على المخرجين والمنتجين لتجاهلها وعدم منحها الفرص للعمل في المجال الفني. لكنه لم ينجح في تحطيم إصرارها. فايزة كمال استمرت في التمسك بمبادئها، وظلت بعيدة عن الأضواء لمدة سنوات، في وقت كان بإمكانها أن تصبح واحدة من أكثر الفنانات شهرة وثراءً.
أما عن علاقتها بالمخرج مراد منير، فهي لم تكن سهلة في البداية. كان مراد منير يجدها صعبة التعامل معها في البروفات، حيث كانت دائماً حريصة على إتقان كل شيء، مما أثار خلافات بينهما. لكن مع مرور الوقت، بدأ مراد يعجب بها، وعندما اكتشف أن المطرب محمد منير أيضاً معجب بها، بدأ يتساءل عن حقيقة مشاعرها تجاهه. وبالرغم من أنه عرض عليها الزواج، رفضت فايزة وقالت إنها تحب صوته ولكنها لا يمكن أن تتزوج منه، إذ أن الشرف والأخلاق بالنسبة لها أهم بكثير من أي علاقة عاطفية.
فايزة كمال كانت مثالاً حيّاً على الشجاعة والتمسك بالقيم في عالم مليء بالمغريات. على الرغم من الشهرة والمال الذي كان في متناول يدها، اختارت أن تظل وفية لمبادئها وشرفها، مفضلة الابتعاد عن الأضواء بدلاً من التنازل عن شيء أهم بكثير من المال أو الشهرة. في النهاية، تظل فايزة كمال علامة فارقة في تاريخ الفن المصري، ليس فقط لجمالها وأدائها، ولكن أيضاً لثباتها على المبادئ التي لا يمكن لأي عرض أن يغيرها.